قطع دابر الشك والإلتباس عن التلقي من روح الامر الذي اشكل على كثير من الناس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله معلم القرآن رازق الفهم ومانح التبيان لاهل الصفوة الاطهار والتقوى الاخيار في كل ما التبس امره واشكل على العقول المادية فهمه حين لم تصفو من الاكدار ولم تُحط خُبراً بعالم الامر وما انطوى عليه من القدرات والاسرار والتمثل في عالم الحس بما شاء من الصور المعبرة عما يحويه من الخصائص ذات التأثير المباشر للأمر القائم بكن فيكون في كل ما شاء صاحب الامر ان ينشره ومن كنزه يبديه ويظهره بما لديه من الاسباب والوسائل فوق المعروف والمعتاد عند البشر .
ولمّا كانت طريقتنا خاصّة قائمة على التلقي من روح الامر الالهي المتنزل في ليلة القدر . وكل ما في القرآن الكريم من الاحرف والكلمات والآيات والسور انما هي معرفةٌ بشأنه كاشفة عن خواصه ومزاياه ومظاهر قدرته الخارقة التي تدك الجبال وتحيي الموتى بما هو مثل نور الله الاتم ووجه الله الكريم الاعز الاجل . وهو اول نور صدر عن الذات كان عرشاً وسع الالوهية بكل تجلياتها مبديا لكنز العماء وهو المسمى بكل ما ورد للقرآن من الاسماء التي زادت على خمسين اسماً وما لم يذكر من اسمائه اكثر بكثير مما ذكر هذا الروح هو الحقيقة المحمدية التي تتقلب في ورثتها حتى كان امرها في هذا العصر الخاتم لكل العصور شاء الله ان يكون له هذا الظهور مبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا.
يكشف لنا عن حقيقة روح القرآن هذا المتنزل في ليلة القدر امام العارفين وسلطان المحققين وامام الأئمة الوارثين الكُمل لأمانه جدهم العظيم سيدي محمد وفا بحر الصفا في كتابه العروش الانسانية فيقول
اعلم ان روح الامر المتنزل في ليلة القدر عالم اوجده الله تعالى على اكمل الصور واقدره على التمثل فتكثّر فهو لا يعد ولا يحصى ولا يحصر وعلى مثل صوره صوّرت صورة البشر وهم يأكلون ويشربون غير أنهم مقدسون وكذلك يتجلون ويتحجبون وهم حضرات تجلي انوار الرحيم الرحمن اعيان عيون اعيان غيبه المصون والمُصان ويقول في كتابه النفائس في الفرق بين روح الامر هذا وروح الخلق ما يلي
روح الامر من كنز عالم القدرة وفيه يتعين غيب الوجود بالتجلي من اسماء حسنى وصفات علا ومراتب اجل واعلى وكذلك ما يكون من ملكيات الملأ الاعلى بالعرش والكرسي واللوح والقلم وما يكون من عالم البقاء الذي لا ينقطع ولا يفنى .
وروح الخلق من كنز عالم الحكمة وبه يتعين ما فيه من الاشباح الروحانية والصور الجسمانية .وهو يبطن في ظهور عالم الكون. كما يبطن عالم اللون في ظهوره وهما الملك والملكوت والدنيا والآخرة وما فيها من مسموعات ومبصورات ومحسوسات. وهذا الروح هو الافق المبين كذلك روح الامر هو الافق الاعلى يظهر ويبطن عند ظهور الجبروت في الحيوان ويظهر عند بطون الجبروت فيه .ا.ه
وزيادة في الايضاح وقطع الشك باليقين فإن الحقائق بالنقيب تتميز لا ينكر احد ان الشياطين توحي الى اوليائها فهذا ثابت بنص القرآن الكريم وانها تظهر متمثلة لهم دون حجاب او تخاطبهم من وراء حُجب اصنامهم وغيرها من الاشكال . فهي تتنزل الى عوالمهم تلقنهم وتآزرهم في سبل غيهم وشرورهم . وهذا أيضا ما اخبر عنه سبحانه في قوله" هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل افاك اثيم يلقون السمع واكثرهم كاذبين".
ألم يظهر ابليس نفسه متمثلا في صورة شيخ نجدي يشير على كفار قريش وهم مجتمعون في دار ندوتهم بالمؤامرة التي دبروها لقتل نبي الاسلام. ثم الم يظهر لهم مرة اخرى وهو يشد من أزرهم في القضاء على النبي لقلع شوكته من الارض لتنتهي دعوته الى الابد يوم بدرٍ في صورة شيخ القبيلة حين قال لهم اني جار لكم ثم لما راى ما راى من الملائكة نقص على عقبه وقال اني ارى ما لا ترون اني اخاف الله رب العالمين.
فإذا كان لا يشك احد في ان اولياء الشييطان يتلقون منه فهل يتصور عاقل ان يتخلى الرحمن عن اوليائه فيمنع عنهم التلقي منه ما يؤديهم ويثبتهم ويزيدهم يقينا ومعرفة ويمدهم بالانوار والاسرار والاسباب ما به عزهم وينصرهم ويقطع دابر الذين ظلموا وعاثوا فسادا في العباد والبلاد فسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.